كيف تؤثر العزلة الاجتماعية على أنماط الأكل؟ دراسة تكشف حقائق جديدة

الامارات 7 - في محاولة لفهم العلاقة بين العزلة الاجتماعية والعادات الغذائية، أجرى فريق بحثي بقيادة الدكتورة أربانا جوبتا دراسة شاملة حول تأثير الشعور بالوحدة على اختيار الأطعمة والسلوك الغذائي. ركزت الدراسة على الدور الذي يلعبه الدماغ في ترجمة المشاعر إلى أنماط غذائية قد تؤثر سلبًا على الصحة الجسدية والعقلية، مما يوفر نظرة جديدة على كيفية تعامل الأشخاص مع الوحدة من خلال الطعام.

تفاصيل الدراسة وآليتها البحثية
للتعمق في هذه العلاقة، قام الباحثون باستطلاع آراء 93 امرأة حول مستوى شعورهن بالعزلة، ومدى الدعم النفسي والاجتماعي المتوفر لهن. بعد جمع البيانات، تم تقسيم المشاركات إلى مجموعتين رئيسيتين:

مجموعة ذات درجات عالية من العزلة: تضمنت النساء اللواتي أفدن بشعور متزايد بالوحدة وانخفاض في التواصل الاجتماعي والدعم العاطفي.
مجموعة ذات درجات أقل من العزلة: شملت النساء اللواتي سجلن مستويات منخفضة من مشاعر الوحدة، وكان لديهن شبكة دعم اجتماعي أقوى.
تم تحليل النتائج من خلال قياس الأنماط الغذائية والعادات الصحية لكل مجموعة، بالإضافة إلى رصد النشاط العصبي باستخدام تقنيات التصوير الدماغي، مثل التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي (fMRI)، لفهم كيف يتفاعل الدماغ مع مشاعر العزلة وتأثيرها على قرارات الأكل.

نتائج الدراسة: كيف تتغير العادات الغذائية مع العزلة؟
كشفت الدراسة عن ارتباط واضح بين العزلة الاجتماعية وزيادة استهلاك الأطعمة غير الصحية، حيث وجدت أن النساء اللواتي يعانين من مستويات أعلى من الوحدة يميلن إلى:

زيادة الرغبة في الأطعمة الغنية بالسكر والدهون

عند الشعور بالوحدة، يزداد نشاط نظام المكافأة في الدماغ، مما يجعل الأطعمة السكرية والدهنية أكثر جاذبية.
أكدت النتائج أن النساء اللواتي يعانين من الوحدة يستهلكن كميات أكبر من الشوكولاتة والحلويات مقارنة بالمجموعة الأخرى.
تناول الطعام كرد فعل عاطفي بدلاً من الحاجة الفسيولوجية

أبلغت النساء في المجموعة ذات العزلة العالية عن تناول الطعام في أوقات غير منتظمة، ليس بدافع الجوع الحقيقي، ولكن كوسيلة للهروب من المشاعر السلبية.
أظهرت البيانات أن هذه الفئة تلجأ إلى الطعام خلال فترات المساء أو قبل النوم، وهي أوقات ترتبط بزيادة مستويات الشعور بالوحدة.
انخفاض النشاط البدني وزيادة الوزن

وجدت الدراسة أن النساء اللواتي سجلن درجات أعلى في مقياس العزلة كن أقل ميلًا لممارسة التمارين الرياضية، مما أدى إلى انخفاض معدل الأيض وزيادة الوزن بمرور الوقت.
ترافق ذلك مع ارتفاع مستويات الكورتيزول، مما يعزز تخزين الدهون، خاصة في منطقة البطن.
اضطراب الإشارات العصبية المرتبطة بالجوع والشبع

أظهرت البيانات وجود خلل في عمل هرموني الجريلين (هرمون الجوع) واللبتين (هرمون الشبع)، حيث أصبح الجسم أقل استجابة لمؤشرات الشبع، مما يزيد من احتمالية الإفراط في تناول الطعام.
التفسير العلمي: لماذا يحدث ذلك؟
التأثير العصبي للوحدة

عند الشعور بالعزلة، ينشط الدماغ نفس المناطق التي تتفاعل مع الجوع، مما يجعل الحاجة الاجتماعية تُترجم إلى رغبة في تناول الطعام، خاصة الأطعمة التي توفر راحة نفسية فورية.
تؤدي العزلة إلى تراجع كفاءة القشرة الأمامية الجبهية، المسؤولة عن ضبط النفس واتخاذ القرارات الصحية، مما يجعل الشخص أقل قدرة على مقاومة الأطعمة غير الصحية.
التأثير الهرموني

يزيد التوتر الناجم عن العزلة من مستويات الكورتيزول، والذي بدوره يعزز الرغبة في تناول الأطعمة الغنية بالسعرات الحرارية.
كما أن انخفاض مستويات السيروتونين والدوبامين يجعل الأشخاص أكثر عرضة للاعتماد على الطعام كمصدر لتعزيز المشاعر الإيجابية.
العادات المكتسبة والتأثير البيئي

في حالات العزلة، يميل الأفراد إلى تناول الطعام أثناء مشاهدة التلفاز أو تصفح الإنترنت، مما يؤدي إلى تناول كميات أكبر من الطعام دون وعي.
غياب الروتين الغذائي المنتظم يُضعف التحكم في الكمية والنوعية المستهلكة من الطعام.
كيف يمكن مواجهة تأثير العزلة على العادات الغذائية؟
بناءً على نتائج الدراسة، قدم الباحثون عددًا من التوصيات لمواجهة تأثير العزلة على العادات الغذائية:

تعزيز التفاعل الاجتماعي

قضاء وقت مع الأصدقاء والعائلة يمكن أن يقلل من تأثير الوحدة على قرارات الأكل.
الانخراط في أنشطة جماعية، مثل الرياضة أو الهوايات، يساعد في تقليل الاعتماد على الطعام كمصدر للراحة.
اتباع استراتيجيات غذائية صحية

إدراك الفرق بين الجوع العاطفي والجوع الفسيولوجي.
استبدال الأطعمة السكرية بخيارات صحية مثل الفواكه والمكسرات.
تنظيم أوقات الوجبات لتجنب الأكل العشوائي.
ممارسة النشاط البدني بانتظام

تساعد التمارين على تحسين الحالة المزاجية وتقليل مستويات التوتر، مما يحد من الإفراط في تناول الطعام.
المشي لمدة 30 دقيقة يوميًا يمكن أن يقلل من آثار العزلة على الصحة النفسية والجسدية.
تقنيات الاسترخاء والتأمل

استخدام أساليب مثل التأمل واليقظة الذهنية لمساعدة الدماغ على التعامل مع الوحدة بطرق أكثر صحة.
تخصيص وقت لممارسة تمارين التنفس العميق لتقليل مستويات الكورتيزول.
خاتمة
كشفت هذه الدراسة أن العزلة الاجتماعية لا تؤثر فقط على الصحة النفسية، بل تعيد تشكيل الطريقة التي يتفاعل بها الدماغ مع الطعام، مما يزيد من احتمالية الإفراط في الأكل والسمنة. ومع ذلك، يمكن من خلال اتخاذ قرارات واعية في الحياة اليومية التخفيف من تأثير هذه العوامل وتحقيق توازن صحي بين العواطف والعادات الغذائية. إن إدراك هذه العلاقة هو الخطوة الأولى نحو تحسين الصحة العامة وبناء نمط حياة أكثر استدامة.



شريط الأخبار