رسائل الشيخة لطيفة

عبدالعزيز سلطان المعمري
المتتبع لكلمة سمو الشيخة لطيفة بنت محمد بن راشد آل مكتوم، رئيسة هيئة الثقافة والفنون في دبي، في ملتقى الإعلام الإماراتي، مؤخراً، يجد فيها الكثير من الرسائل التي تحتاج إلى من يفككها للنهوض بإعلامنا الإماراتي بالطريقة التي تتناسب وقصص النجاح الحاصلة في الدولة كي يبرزها للرأي العام العالمي.
كي لا نضيع في زحمة الرسائل التي حملتها الكلمة القصيرة لسموها والعميقة بمعناها والغنية بمحتواها، يكفي أن ننتبه إلى أن الإعلام غير الإماراتي يستخدم اسم الدولة ومدنها ورموزها لنشر خبر، أحياناً غير صحيح.
كي يضمن زيادة عدد القراء في العالم وعدد المشاهدات عبر القنوات الرقمية، مع أن هناك العديد من النقاط التي ينبغي التوقف حولها لمعرفة أين يقف إعلامنا في خدمة قضايانا وإبراز إنجازاتنا وقصص نجاحاتنا والتعريف برؤيتنا، فدولة الإمارات واحدة من الدول المعدودة في نشاطها الاقتصادي والاجتماعي والثقافي، وتحتاج لمن يعبر أو يفسر ما يحدث فيها ويفهم ويوعي لماذا تفعل كل هذا؟

المعروف أن ما تقوم به دولة الإمارات ليس شعارات رنانة ولا كلمات فارغة، وإنما هو إما إضافات لخدمة الإنسانية في العالم، وإما حافز لأمة عربية تمتلك كل مقومات النجاح، ولكن لم تجد من يتبنى طموحاتها إعلامياً وآمالها، لأن ما يحدث أقرب إلى معجزة حقيقية.
وبالتالي يحتاج الأمر أن يقوم إعلامنا بسرد هذه القصص، وأن تتحدث وسائل إعلامنا بتناغم وطني بعيداً عن الأفكار المستوردة، لأنه منطقياً لا يمكننا التفاخر بإنجازاتنا، وفي المقابل ليس لدينا إعلام يتحدث عن إنجازات حقيقية وواقعية كهذه.

علينا أن نؤكد أن هناك من سيقوم بسرد قصتك إن لم تسردها وتفسرها أنت، ووقتها لا تلُم الآخر إن لم يوفق في سردها أو أنه سردها حسب مبتغياته النفسية أو الأيدلوجية، وتأكد أنه عندما تحاول أن تصحح ما أخطأ في حق القصة أو السردية الإماراتية ستكون أمام خيارين صعبين الأول:
سيكون وقت الأثر قد تأخر كثيراً لأن طبيعة النفس البشرية تلقط الانطباع الأول لذا يقال عليك أن تترك انطباعاً أولياً جميلاً لتكملة المسيرة، والخيار الصعب الثاني هو أن التصحيح مكلف جداً هذا على افتراض أنك ستنجح فيه.

الإعلام ليس ترفاً بل هو ضرورة وحاجة أساسية، وبعلم المنطق، بما أن دولة الإمارات دولة فاعلة ومؤثرة بالتالي لا بد أن يكون لدينا إعلام إماراتي فاعل ومؤثر قادر على مواكبة عظمة الإنجازات وسرعة التحركات وعمق التحولات، قادر على بناء سردية تحكي قصص النجاح الإماراتية وإبراز تجربتها الإنسانية والتنموية.
عند سماعي لكلمة سمو الشيخة لطيفة، عندما ذكرت أن وعي الإعلام يقاس بتركيزه على السرديات والقصص الملهمة التي تخدم الإنسانية، وتصنع الفارق في حياة الأشخاص والمجتمعات، تذكرت كلمة في بداية العام الحالي لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله.
حيث أكد على أن صناعة المحتوى هي صناعة للوعي والثقافة، وأنها داعم أساسي لمسيرة التنمية البشرية، وتقوم بدور مؤثر في مسيرة البناء وتسليط الضوء على الإنجازات.

من هنا يتأكد بل يجب علينا، كما ذكرت سمو الشيخة لطيفة، أن نكتب قصتنا ونعبر عن واقعنا وطموحاتنا، وعلينا عدم ترك المجال للآخرين ليصوغوا روايتنا وفق مصالحهم وأجنداتهم وأهدافهم الخاصة.
على وسائل الإعلام الإماراتية أن تعمل وفق رؤية واضحة واستراتيجية محددة دقيقة تتوافق مع رؤية الدولة وسرعتها، تبرز إنجازاتها وتوضح أهدافها وتشرح مواقفها عبر أقلام إماراتية وبرامج حوارية تشرح وتفسر للمشاهد بعد الرؤية والتحركات الإماراتية في كافة المحافل والميادين والمجالات.

من غير ذلك كيف سيكون الإعلام الإماراتي خط الدفاع الأول عن إنجازات الدولة ومسيرتها الحضارية؟ وكيف سيتناول الإنجازات بجرأة وثقة وإبداع في الطرح؟ بما يعبر عن المكانة التي وصلت إليها دولة الإمارات في مختلف المجالات، كما قالت سموها.
يجب أن نعرف من نحن؟ نحن دولة الإمارات؛ الدولة التي لا تعرف المستحيل، الدولة التي حولت الصحراء إلى جنان، الدولة التي حرثت البحر، ووصل أبناؤها للفضاء، نحن أصحاب الرؤية وقادة الاستثمارات، نحن من صنعنا نموذجنا الخاص بنا، نحن الإمارات التي تنشر السلام وتقرب بين المختلفين وتصلح بين المتخاصمين وتطفئ نار المتحاربين، نحن من كسرنا شوكة الإرهاب وأسقطنا مشاريع التخريب والتدمير في المنطقة.
لدينا الكثير من القصص التي تسرد للعالم فقط تحتاج إلى من يحكيها.



شريط الأخبار