«ممتاز» جوهرة السينما الهندية وأسطورتها

د. عبدالله المدني
إبان الأشهر الخمسة عشر التي عشتها في بومباي دارساً، تعرفت إلى الفنانة الهندية الجميلة «ممتاز» من خلال أفلامها التي كانت تعرض في معظم دور السينما، وتستقطب الملايين من البشر من هواة الفيلم الهندي الذي غالباً ما يحتوي على مزيج من كل شيء ونقيضه.. غناء ورقص، حب وبغض، أكشن ورومانسية، فرح وحزن، ضحك وبكاء، فقر وثراء، مطر وجفاف، قسوة وحنان.
وفي الخليج عموماً والبحرين خصوصاً، نجد للفيلم الهندي سوقاً ومعجبين كثراً منذ حقبة بدايات ظهور دور العرض السينمائية في الأربعينيات والخمسينيات، بل هناك من المواطنين من يحفظ عن ظهر قلب أسماء نجوم ونجمات بوليوود وأفلامهم وصناع أعمالهم من مخرجين ومنتجين.

تعتبر النجمة «ممتاز» إحدى أيقونات السينما الهندية، وربما أجملهن وأشهرهن وأعلاهن أجراً خلال حقبة بروزها كممثلة آسرة وراقصة كلاسيكية ماهرة ورمز للجمال والجاذبية والموضة في خمسينيات وستينيات وسبعينيات القرن العشرين، لذا أطلق عليها لقب «ملكة السينما الهندية»، ووصل أجرها عن الفيلم الواحد إلى نحو نصف مليون روبية، واختيرت من قبل مجلة «أوت لوك» الهندية ضمن أفضل 75 ممثلة في بوليوود، وظهرت في قائمة أفضل الممثلات الهنديات في شباك التذاكر سبع مرات، وتصدرت القائمة ثلاث مرات، واختارتها صحيفة «تايمز أوف إنديا» ضمن أجمل 50 وجهاً نسائياً في الهند.
كان ميلادها في مدينة بومباي بتاريخ 31 يوليو 1947 لوالدين من الهنود من ذوي الأصول الفارسية المعروفين هناك بطائفة «البارسي» هما: مزارع الفواكه «عبدالسليم عسكري مهدواني» وزوجته «شادية حبيب آغا». ولأنها أبصرت النور زمن إمبراطورية الهند البريطانية فقد حصلت على جنسية الراج البريطاني.
أما دخولها المجال الفني فيعود إلى زمن طفولتها في بدايات النصف الثاني من القرن العشرين.

إذ ظهرت كطفلة في خمسة أفلام ما بين عامي 1952 و1959، ثم واصلت العمل في السينما كفتاة مراهقة في أدوار ثانوية، ثم كامرأة ناضجة، مؤدية أدوار البطولة المطلقة، لتنقطع عن التمثيل مدة 13 عاماً، وتعود في عام 1990 لتمثل آخر عمل لها (فيلم عواصف) أو (Aandhiyan)، حيث أدت دور امرأة من طبقة فقيرة تقع في حب شاب من أسرة ثرية، وتصارع من أجل حبها في وجه عائلة الشاب الرافضة لحبهما لأسباب طبقية. وبسبب فشل هذا الفيلم قررت الاعتزال والابتعاد.

خلال مسيرتها الفنية نالت جوائز كثيرة عن أدوارها وأفلامها التي من أشهرها: «سيهرا» (1963)، و«فرار» (1965)، «دو راسته» (1969) و«تيري ميري سابني» (1971)، و«براهماشاري» (1968)، و«آدمي أور إنسان» (1969) و«لوفر» (1973)، و«ميلا»(1971)، و«دوشمن»(1971)، و«روتي»(1974)، وهي أفلام تقاسمت فيها البطولة مع نجوم معروفين من أمثال راجيش كنا، ودراميندرا، وفيروز خان، وراج كابور.
من جوائزها: جائزة «فير» لأفضل ممثلة لعام 1977 عن فيلم «خيلونا»، جائزة «فير» للإنجاز مدى الحياة سنة 1969، جائزة الأكاديمية الهندية للأفلام في عام 2004، جائزة «زي سينما» للإنجاز مدى الحياة سنة 2009.

لا تزال ممتاز على قيد الحياة، تعيش عامها الثامن والسبعين في لندن بعد أن تشافت من سرطان الثدي، وقد بهت جمالها وانطفأت نضارتها ووهن جسدها، لكنها لا تزال ترقص في ذاكرة مئات الملايين كفتاة رائعة الجمال وراقصة لولبية رشيقة القوام، وصوت ساحر مدغدغ للعواطف، ورمز من رموز الحب والبراءة.
والمعروف أن ممتاز تزوجت في عزّ شهرتها ونجوميتها، وتحديداً في عام 1974، رجل الأعمال والصناعة «مايور مادواني»، والأخير ينحدر من عائلة من ولاية غوجارات كانت قد هاجرت زمن الإنجليز إلى أوغندا، وأثرت هناك، قبل أن يطردها الديكتاتور عيدي أمين، وتخسر ممتلكاتها.

ويقال إن الممثل الهندي الكبير شاشي كابور كان مغرماً بها وتقدم لخطبتها، لكنها أخبرته أنها غير مستعدة بعد لترك عملها في السينما من أجل الزواج، بعد أن علمت أن آل كابور يرفضون أن تعمل نساؤهم في الصناعة السينمائية.



شريط الأخبار