الحياة الاجتماعية في مصر في العصر العثماني

الامارات 7 - تأثرت الحياة الاجتماعية في مصر بشكل كبير بالحكم العثماني، الذي أدى إلى تراجع حضاري وعلمي ملحوظ. منذ أن أصبحت مصر ولاية تابعة للدولة العثمانية في عام 923هـ، بدأت تتراجع مكانتها التاريخية التي كانت تحتفظ بها سابقًا، مما انعكس سلبًا على الحياة الاجتماعية في تلك الفترة.

أبرز مظاهر هذا التأثير السلبي تمثلت في عدة جوانب:

التراجع الفكري والعلمي: أسهم إهمال العثمانيين لإدارة البلاد وانشغالهم بنفوذهم في تقليص الاهتمام بالمدارس ودور العلم، مما أدى إلى تدهور مستوى الفكر والعلم في المجتمع المصري.
التعصب الديني: كان للعصبية الدينية التي جلبها العثمانيون أثر كبير في إشاعة حالة من الفوضى في المجتمع، فضلاً عن الجمود الفكري.
انتشار اللغة التركية: فرض العثمانيون اللغة التركية كلغة رسمية، مما أدى إلى تراجع اللغة العربية واندثارها تدريجيًا.
انتشار الألفاظ العامية: ظهرت ألفاظ عامية وسوقية بين الشعراء والمثقفين، وهو أمر غير مألوف في الفترات السابقة التي كان فيها الشعر يعكس لغة فصيحة ومتقنة.
تفشي الجهل والخرافات: ساهمت الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية المتدهورة في انتشار الخرافات والأكاذيب بين الناس.
أما أسباب هذا التدهور الاجتماعي في مصر خلال العصر العثماني، فترجع إلى عدة عوامل، أهمها:

نقل مراكز المعرفة: تم نقل خزائن الكتب والمكتبات من مصر إلى القسطنطينية، مما أفقد مصر جزءًا كبيرًا من إرثها المعرفي الذي كانت تتمتع به عبر قرون.
التدهور الاقتصادي: أدى الفقر والظروف المعيشية الصعبة إلى انشغال الناس بتلبية احتياجاتهم اليومية، مما أثر على تفاعلهم مع الحياة الفكرية.
اللامبالاة الاجتماعية: نتيجة الحروب المستمرة، سادت حالة من اللامبالاة بين أفراد المجتمع، مما أثر سلبًا على القيم الأخلاقية والدينية.
الانفصال الطبقي: نشأ فجوة كبيرة بين الحكام والشعب، مما جعل الرعية تشعر بالفراغ السياسي، وتزايدت مشاعر السخط تجاه الحكم العثماني.
على الرغم من تراجع الحياة الفكرية بشكل عام، فقد برز بعض المفكرين والعلماء الذين ساهموا في الحفاظ على بعض جوانب المعرفة، مثل:

ابن إياس: مؤلف "بدائع الزهور في وقائع الدهور"، الذي سجل التاريخ العثماني وتأثيره على الحياة الاجتماعية في مصر.
طاش كبرى زاده: مؤلف "مفتاح السعادة ومصباح السيادة"، الذي ساعد في حفظ علوم اللغة العربية.
عبد القادر البغدادي: صاحب "خزانة الأدب ولب لباب لسان العرب"، الذي حفظ القواعد النحوية.
شهاب الدين الخفاجي: مؤلف "شفاء الغليل بما في كلام العرب من الدخيل"، الذي سجل تأثير الكلمات التركية والعجمية على اللغة العربية.
هكذا، ورغم تراجع الفكر العلمي والأدبي في مصر في العصر العثماني، فإن بعض المبدعين قد تمكنوا من ترك بصماتهم في تاريخ الفكر العربي.



شريط الأخبار