لماذا يصعب التحكم في كمية الطعام المستهلكة؟

الامارات 7 - لماذا يصعب التحكم في كمية الطعام؟ فهم العوامل النفسية والبيولوجية وراء الإفراط في الأكل
يعاني الكثيرون من صعوبة السيطرة على كمية الطعام التي يتناولونها، حتى عندما لا يكونون جائعين. في بعض الأحيان، نجد أنفسنا نأكل بكميات تفوق احتياجاتنا الفعلية، دون أن ندرك ذلك حتى نشعر بالامتلاء الزائد أو الندم. فما الذي يجعل البعض غير قادرين على التوقف عن تناول الطعام في الوقت المناسب؟ وهل هناك عوامل بيولوجية ونفسية تلعب دورًا في هذا السلوك؟

كيف يعمل الدماغ في تنظيم الشهية والتحكم في كمية الطعام؟
قبل أن نبحث في أسباب الإفراط في الأكل، من المهم أن نفهم كيف يتحكم الجسم في الشعور بالجوع والشبع. هناك عدة عوامل تلعب دورًا رئيسيًا في هذه العملية، ومنها:

هرمونات الجوع والشبع

الجريلين: يُعرف باسم "هرمون الجوع"، ويتم إفرازه من المعدة عندما يكون الجسم بحاجة إلى الطعام.
اللبتين: هو الهرمون المسؤول عن إرسال إشارات الشبع إلى الدماغ، مما يساعد في التوقف عن الأكل عند الامتلاء.
عند وجود خلل في هذه الهرمونات، يصبح من الصعب الشعور بالشبع في الوقت المناسب، مما يؤدي إلى الإفراط في تناول الطعام.
نظام المكافأة في الدماغ

تناول الأطعمة اللذيذة، خاصة الغنية بالسكر والدهون، يؤدي إلى إفراز الدوبامين، وهو ناقل عصبي يمنح الشعور بالسعادة.
مع مرور الوقت، يعتاد الدماغ على هذه الاستجابة، ويطلب المزيد من الطعام للوصول إلى نفس مستوى المتعة، مما يؤدي إلى الإفراط في الأكل.
تأثير العوامل النفسية

القلق، التوتر، والاكتئاب قد تدفع البعض إلى تناول الطعام كوسيلة للهروب من المشاعر السلبية.
الأكل العاطفي يجعل الشخص يواصل الأكل حتى بعد الشعور بالشبع، حيث يصبح الطعام وسيلة للراحة وليس مجرد حاجة غذائية.
لماذا يجد البعض صعوبة في التوقف عن تناول الطعام؟
هناك العديد من العوامل التي تجعل السيطرة على كمية الطعام أمرًا صعبًا، ومنها:

1. الأكل دون وعي
تناول الطعام أثناء مشاهدة التلفاز أو تصفح الهاتف يجعل الشخص غير مدرك للكميات التي يستهلكها.
عدم التركيز أثناء الأكل يؤدي إلى فقدان الشعور بالإشارات الطبيعية للشبع، مما يؤدي إلى الإفراط في الأكل.
2. العادات الغذائية السيئة
تناول الطعام بسرعة كبيرة لا يمنح الدماغ الوقت الكافي لإدراك الشبع، حيث يستغرق الأمر حوالي 20 دقيقة حتى تصل إشارات الشبع إلى الدماغ.
تناول وجبات غير منتظمة أو تخطي وجبات يؤدي إلى نوبات جوع شديدة لاحقًا، مما يزيد من احتمال الإفراط في الأكل.
3. تأثير الأطعمة الغنية بالسعرات الحرارية
بعض الأطعمة، مثل المأكولات السريعة والمصنعة، مصممة لتحفيز الدماغ على الرغبة في المزيد منها، بسبب احتوائها على مزيج مثالي من الدهون، السكر، والملح.
هذه الأطعمة تؤثر على إشارات الشبع، مما يجعل من الصعب التوقف عن تناولها.
4. الضغط العصبي والتوتر
عند الشعور بالتوتر، يفرز الجسم الكورتيزول، وهو هرمون يزيد الشهية ويدفع الشخص لتناول المزيد من الطعام، خاصة الأطعمة الغنية بالكربوهيدرات والدهون.
هذه الحالة تجعل الشخص يأكل دون أن يشعر بالجوع الحقيقي، بل كرد فعل للتعامل مع التوتر.
5. قلة النوم واضطرابات الإيقاع الحيوي
تؤثر قلة النوم على إفراز الهرمونات المنظمة للشهية، حيث يزيد هرمون الجريلين (الجوع) وينخفض هرمون اللبتين (الشبع).
هذا الاختلال يجعل الشخص أكثر عرضة لاستهلاك كميات كبيرة من الطعام.
الآثار السلبية لصعوبة السيطرة على كمية الطعام
زيادة الوزن والسمنة

استهلاك كميات كبيرة من الطعام دون إدراك يؤدي إلى زيادة الوزن، خاصة عند تناول أطعمة غنية بالسعرات الحرارية.
اضطرابات الجهاز الهضمي

تناول الطعام بكميات كبيرة يؤدي إلى مشاكل مثل عسر الهضم، الانتفاخ، وارتجاع الحمض.
اضطراب مستويات السكر في الدم

يؤدي الإفراط في تناول الطعام، خاصة السكريات والكربوهيدرات المكررة، إلى ارتفاع سريع في مستويات السكر في الدم، مما يزيد من خطر الإصابة بالسكري من النوع الثاني.
التأثير على الصحة النفسية

الإفراط في تناول الطعام قد يؤدي إلى مشاعر الندم والذنب، مما يساهم في زيادة مستويات التوتر والاكتئاب.
هذا قد يخلق حلقة مفرغة، حيث يؤدي التوتر إلى الأكل الزائد، والذي بدوره يزيد من الشعور بالذنب والاكتئاب.
كيف يمكن التحكم في كمية الطعام وتقليل الإفراط في الأكل؟
لحسن الحظ، هناك استراتيجيات فعالة يمكن اتباعها للسيطرة على كمية الطعام المتناولة ومنع الإفراط في الأكل:

1. ممارسة الأكل الواعي
تناول الطعام ببطء والتركيز على النكهات والقوام يساعد في زيادة الوعي بالكميات المستهلكة.
الابتعاد عن المشتتات مثل التلفاز والهاتف أثناء الأكل يساعد في التحكم في الكمية المتناولة.
2. التحكم في حجم الحصص الغذائية
استخدام أطباق أصغر يساعد في تقليل كمية الطعام المستهلكة دون الشعور بالحرمان.
تقسيم الوجبات إلى وجبات صغيرة ومتعددة يقلل من الشعور بالجوع المفرط.
3. تناول وجبات متوازنة
تناول البروتينات والألياف يساعد في تعزيز الشعور بالشبع لفترة أطول.
تجنب الأطعمة المصنعة والمكررة يقلل من الرغبة في تناول المزيد.
4. شرب الماء قبل الوجبات
شرب كوب من الماء قبل الأكل يمكن أن يساعد في تقليل الشعور بالجوع ومنع الإفراط في الأكل.
5. إدارة التوتر والقلق
ممارسة التمارين الرياضية، التأمل، أو التنفس العميق يساعد في تقليل اللجوء إلى الطعام كوسيلة للتعامل مع الضغوط النفسية.
البحث عن بدائل للأكل العاطفي، مثل المشي، القراءة، أو ممارسة هواية مفضلة.
6. الحصول على قسط كافٍ من النوم
النوم الجيد يساعد في تنظيم مستويات الهرمونات المسؤولة عن الشهية، مما يقلل من احتمالية الإفراط في تناول الطعام.
7. التخطيط للوجبات مسبقًا
إعداد قائمة وجبات أسبوعية يساعد في تجنب تناول الطعام العشوائي أو الوجبات السريعة.
تجهيز وجبات صحية مسبقًا يقلل من احتمالية تناول الأطعمة غير الصحية عند الشعور بالجوع.
خاتمة
صعوبة السيطرة على كمية الطعام ليست مجرد مشكلة تتعلق بالإرادة، بل هي نتيجة لعوامل بيولوجية، نفسية، وسلوكية تؤثر على قراراتنا الغذائية. من خلال فهم هذه العوامل واتخاذ خطوات عملية للتحكم في العادات الغذائية، يمكن تحقيق توازن صحي يساعد في تجنب الإفراط في الأكل وتحسين الصحة العامة. لا يتعلق الأمر فقط بتناول كميات أقل، بل بتطوير علاقة صحية ومستدامة مع الطعام، حيث يصبح وسيلة لتغذية الجسم بدلاً من أن يكون مجرد استجابة للعواطف أو العادات المكتسبة.



شريط الأخبار