الأكزيما الجلدية: بين المحفزات الداخلية والخارجية، كيف تتحكم في الأعراض؟

الامارات 7 - تُعد الأكزيما من أكثر الحالات الجلدية شيوعًا، حيث يعاني منها الملايين حول العالم بدرجات متفاوتة. وبينما يعتقد البعض أن محفزاتها تنحصر في العوامل الداخلية داخل جسم المصاب، فإن الحقيقة أكثر تعقيدًا، إذ تتداخل العوامل الداخلية (الوراثية والمناعية) مع العوامل الخارجية (البيئية والسلوكية) لتؤدي إلى تفاقم الأعراض.

عند الإصابة بالأكزيما، يصبح الجلد أكثر حساسية تجاه المؤثرات الخارجية، مما يجعله عرضة للتهيج والجفاف والالتهاب. ومعرفة المحفزات الداخلية والخارجية يساعد المصابين على التحكم بالأعراض وتجنب نوبات التهيج.

المحفزات الداخلية للأكزيما: كيف يؤثر الجسم من الداخل؟
تلعب العوامل الداخلية دورًا أساسيًا في نشوء الأكزيما وتفاقمها، حيث يكون للجينات والجهاز المناعي تأثير مباشر على طبيعة الجلد واستجابته للمحفزات.

1. العوامل الوراثية والجينات
وُجد أن الأشخاص الذين لديهم تاريخ عائلي من الأكزيما أو أمراض الحساسية مثل الربو وحمى القش أكثر عرضة للإصابة بها.
الطفرات الجينية، مثل نقص بروتين الفيلاغرين (Filaggrin)، تؤدي إلى ضعف حاجز الجلد الطبيعي، مما يسبب الجفاف الشديد وزيادة نفاذية الجلد للمواد المهيجة.
2. خلل في الجهاز المناعي
يتفاعل الجهاز المناعي بشكل مفرط مع محفزات غير ضارة، مما يؤدي إلى إطلاق مواد التهابية تسبب الحكة والاحمرار والتورم.
بعض الأشخاص يعانون من مستويات عالية من الأجسام المضادة IgE، مما يجعل بشرتهم أكثر حساسية تجاه بعض المواد.
3. التوتر والضغط النفسي
يؤثر الإجهاد النفسي على الجهاز المناعي، مما يؤدي إلى زيادة إفراز هرمونات التوتر مثل الكورتيزول، التي تسبب تفاقم الأكزيما.
القلق والتوتر يمكن أن يجعلان الحكة أكثر شدة، مما يؤدي إلى حلقة مفرغة من الحكة والالتهاب.
4. التغيرات الهرمونية
تلعب الهرمونات دورًا مهمًا في صحة الجلد، لذا فإن التغيرات الهرمونية، مثل الحمل، الدورة الشهرية، أو انقطاع الطمث، قد تؤدي إلى تفاقم الأكزيما لدى بعض الأشخاص.
5. اضطرابات الجهاز الهضمي والتحسس الغذائي
بعض الدراسات تشير إلى أن الالتهابات المعوية واضطرابات الجهاز الهضمي قد تؤثر على صحة الجلد.
الحساسية لبعض الأطعمة مثل الألبان، المكسرات، البيض، والغلوتين قد تسبب تفاقم الأكزيما لدى بعض الأشخاص، خاصة الأطفال.
المحفزات الخارجية للأكزيما: كيف تؤثر البيئة على الجلد؟
إلى جانب العوامل الداخلية، تلعب العوامل الخارجية دورًا كبيرًا في إثارة الأعراض وجعل الأكزيما أكثر حدة. التحكم بهذه المحفزات يساعد في تقليل عدد نوبات التهيج.

1. الطقس والتغيرات المناخية
الطقس البارد والجاف يؤدي إلى جفاف البشرة وزيادة التشققات، مما يسهل دخول المهيجات إلى الجلد.
الحرارة الزائدة والتعرق يمكن أن تؤدي إلى انسداد المسام وزيادة الحكة.
الرطوبة العالية قد تساهم في زيادة الالتهابات الفطرية والبكتيرية على الجلد.
2. المنتجات الكيميائية والعطور
العديد من منتجات العناية بالبشرة تحتوي على كبريتات، بارابين، وعطور صناعية، مما قد يؤدي إلى تهيج الجلد الحساس.
استخدام المنظفات القوية في غسيل الملابس أو الأطباق قد يسبب جفاف الجلد والتهابه.
3. الملابس والأقمشة الخشنة
ارتداء الملابس المصنوعة من الصوف أو الأقمشة الصناعية قد يسبب احتكاكًا وتهيجًا للبشرة الحساسة.
يُفضل ارتداء ملابس قطنية ناعمة للحفاظ على راحة الجلد.
4. التلوث البيئي والتعرض للدخان
الهواء الملوث والعوادم يمكن أن تزيد من تفاقم الأكزيما، خاصة لدى الأشخاص الذين يعانون من الحساسية البيئية.
التدخين السلبي أيضًا يزيد من جفاف الجلد والتهابه.
5. الماء الساخن والاستحمام المفرط
الاستحمام بالماء الساخن لفترات طويلة يزيل الزيوت الطبيعية من الجلد، مما يؤدي إلى زيادة الجفاف.
يُفضل الاستحمام بماء فاتر لمدة لا تتجاوز 10 دقائق ثم ترطيب الجلد فورًا.
6. التلامس مع الحيوانات الأليفة
وبر القطط والكلاب قد يحتوي على بروتينات تسبب تهيج الجلد والحساسية لدى بعض المصابين بالأكزيما.
يُفضل غسل اليدين بعد ملامسة الحيوانات وتنظيف المنزل بانتظام.
كيف يمكن التحكم في المحفزات وتقليل نوبات الأكزيما؟
1. ترطيب البشرة يوميًا
استخدام مرطبات غنية بالسيراميد للحفاظ على حاجز الجلد الطبيعي.
اختيار منتجات خالية من العطور والكحول لتجنب التهيج.
2. تقليل التوتر والإجهاد النفسي
ممارسة تمارين التأمل والتنفس العميق يساعد في تقليل نوبات التهيج.
ممارسة الرياضة بانتظام لدعم صحة الجهاز المناعي وتحسين الحالة المزاجية.
3. تجنب المهيجات الكيميائية
استخدام صابون لطيف خالٍ من الكبريتات.
غسل الملابس بمنظفات هيبوالرجينيك وعدم استخدام المنعمات القوية.
4. حماية الجلد من الطقس القاسي
ارتداء قفازات في الشتاء لتجنب الجفاف والتشقق.
استخدام مرطبات الهواء في المنازل الجافة.
5. مراقبة النظام الغذائي
تجربة حمية الإقصاء لمعرفة الأطعمة التي قد تؤدي إلى تفاقم الأكزيما.
تناول الأطعمة الغنية بالأوميغا 3 مثل الأسماك والمكسرات لدعم صحة الجلد.
6. استشارة الطبيب عند الحاجة
إذا كانت الأكزيما لا تتحسن بالعناية الذاتية، قد يكون من الضروري استخدام العلاجات الدوائية مثل الكريمات الستيرويدية أو مثبطات المناعة الموضعية.
في بعض الحالات، يمكن أن يصف الطبيب أدوية بيولوجية مثل Dupilumab لتخفيف الالتهابات المزمنة.
الخلاصة
الأكزيما ليست نتيجة لمحفزات داخلية فقط، بل تحدث بسبب مزيج من العوامل الداخلية والخارجية التي تؤثر على صحة الجلد. العوامل الوراثية والاختلالات المناعية قد تجعل الجلد أكثر حساسية، لكن العوامل البيئية مثل المناخ، المواد الكيميائية، والضغط النفسي تلعب دورًا كبيرًا في تحفيز الأعراض.

من خلال تجنب المحفزات، ترطيب الجلد، وتحسين نمط الحياة، يمكن للمصابين بالأكزيما التحكم في حالتهم وتقليل نوبات التهيج، مما يسمح لهم بالعيش براحة أكبر دون المعاناة المستمرة من الأعراض.



شريط الأخبار