دهون البطن في منتصف العمر: كيف يؤثر الوزن على صحة الدماغ؟

الامارات 7 - تُظهر الأبحاث الحديثة أن العلاقة بين زيادة الوزن وصحة الدماغ ليست ثابتة طوال العمر، بل تختلف بشكل ملحوظ باختلاف المراحل العمرية. في منتصف العمر، يبدو أن زيادة الوزن، خاصة تراكم الدهون في منطقة البطن، ترتبط بشكل وثيق بارتفاع مخاطر التدهور المعرفي والخرف. لكن في الأعمار الأكبر، تظهر بعض الدراسات أن الأشخاص الذين يعانون من السمنة قد يكون لديهم خطر أقل للإصابة بالخرف، وهو تناقض يثير تساؤلات حول الدور الذي تلعبه الدهون في الدماغ مع تقدم العمر.

في سنوات الشباب ومنتصف العمر، يُعتبر الوزن الزائد من العوامل الرئيسية التي تؤثر على صحة الدماغ. الدهون الحشوية المتراكمة في منطقة البطن تعمل كعضو صماء نشط يفرز هرمونات ومواد كيميائية تؤدي إلى التهاب مزمن، مما يؤثر سلبًا على الأوعية الدموية المغذية للدماغ. مع الوقت، يؤدي هذا الالتهاب المستمر إلى ضعف في بنية الدماغ وانخفاض في حجم المادة الرمادية المسؤولة عن العمليات الإدراكية مثل التفكير والذاكرة واتخاذ القرار.

مقاومة الأنسولين، وهي حالة شائعة لدى الأشخاص الذين لديهم نسبة دهون مرتفعة في الجسم، تؤدي إلى اضطراب في استخدام الدماغ للجلوكوز، وهو المصدر الأساسي للطاقة العصبية. عندما يعاني الدماغ من نقص في الطاقة، تبدأ وظائفه في التراجع تدريجيًا، مما يؤدي إلى ضعف الذاكرة وصعوبة في التركيز، بالإضافة إلى زيادة خطر الإصابة بأمراض التنكس العصبي مثل الزهايمر.

هرمون الكورتيزول، الذي يرتفع في الجسم بسبب التوتر المزمن وتراكم الدهون الحشوية، يلعب دورًا كبيرًا في التأثير على صحة الدماغ. زيادة مستويات الكورتيزول على مدى فترات طويلة تسبب تآكلًا في الحُصين، وهو الجزء المسؤول عن التعلم والتذكر. كما أن هذا التأثير قد يكون أكثر وضوحًا في منتصف العمر، حيث يبدأ الدماغ في إظهار علامات الإجهاد الناتج عن العادات غير الصحية المتراكمة على مدار السنين.

مع تقدم العمر، يبدو أن العلاقة بين الوزن وصحة الدماغ تصبح أكثر تعقيدًا. بعض الدراسات تشير إلى أن الأشخاص الذين يعانون من زيادة الوزن في سن الشيخوخة قد يكون لديهم خطر أقل للإصابة بالخرف، ولكن هذا قد يكون نتيجة لعوامل أخرى مثل فقدان الوزن غير المقصود الذي يحدث غالبًا قبل تشخيص الخرف بسنوات. قد يكون الوزن الزائد في هذه المرحلة مؤشرًا على الاحتفاظ بكتلة عضلية أو تغذية جيدة، وليس بالضرورة عاملاً وقائيًا ضد أمراض الدماغ.

الحفاظ على صحة الدماغ يبدأ في منتصف العمر، حيث يكون التأثير السلبي للدهون الحشوية أكثر وضوحًا. اتباع نظام غذائي متوازن غني بالأطعمة المضادة للالتهابات، مثل الخضروات الورقية والتوت والمكسرات، يساعد في تقليل التأثيرات السلبية للدهون على الدماغ. تناول الدهون الصحية مثل أوميغا-3 يعزز من صحة الخلايا العصبية ويحسن الوظائف الإدراكية.

ممارسة التمارين الرياضية بانتظام تُعدّ من أكثر العوامل فعالية في تقليل دهون البطن وتحسين صحة الدماغ. التمارين الهوائية مثل المشي السريع والسباحة تعمل على تقليل الالتهابات وتحفيز تدفق الدم إلى الدماغ، مما يساعد في الحفاظ على وظائفه وتقليل خطر التدهور المعرفي.

النوم الجيد وإدارة التوتر يلعبان دورًا حيويًا في الحفاظ على صحة الدماغ مع التقدم في العمر. النوم العميق يساعد في إزالة السموم المتراكمة في الدماغ ويحافظ على توازن الهرمونات، مما يقلل من التأثيرات السلبية للدهون الحشوية.

الاهتمام بصحة الدماغ في منتصف العمر ليس مجرد خيار، بل هو استثمار ضروري للحفاظ على الأداء الذهني لسنوات قادمة. إدراك تأثير دهون البطن على الوظائف الإدراكية قد يكون الحافز الأساسي لاعتماد نمط حياة صحي يعزز صحة العقل والجسم معًا.



شريط الأخبار