أحمد محمد الشحي
من أهم الواجبات في مثل هذه الظروف الوقوف خلف القيادة الحكيمةليس خافياً ما يحيط بالمنطقة من أزمات وصراعات عسكرية، تستدعي من العقلاء على مستوى الأفراد والمجتمع أن يتحلوا بأعلى درجات الوعي، ويصطفوا حول القيادة الحكيمة، ويسيروا وفق رؤيتها وتوجهاتها في التعامل مع هذه الأزمات فكراً وسلوكاً، وفي مثل هذه الأزمات، يتعاظم دور الوعي المجتمعي، وتتأكد أهمية المحافظة على أمن الوطن واستقراره ومصالحه العليا، وجعل ذلك كله حاضراً في القلوب والعقول.
ومن أهم الواجبات في مثل هذه الظروف، الوقوف خلف القيادة الحكيمة، والالتفاف حولها، التزاماً برؤيتها، وثقة بحكمتها، ووقوفاً صفاً واحداً خلف قراراتها التي تصون المصالح العليا للوطن، وتحفظ أمنه واستقراره، دون الانسياق وراء أي توجهات دخيلة، أو تحليلات مشوشة، أو خطابات مشتتة، والتي تتكاثر في مثل هذه الأوقات، وبالأخص عبر الفضائيات والمنصات الرقمية، فالالتفاف حول القيادة في ما تتخذه من قرارات استراتيجية، هو واجب وطني وشرعي راسخ ومحتم، كما قال الله سبحانه: {يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم}.
فإن الفرد، مهما بدت له من رؤية لمجريات الأحداث، فهي قاصرة، وقد يكون ما خفي عليه أعظم بكثير مما يرى، وقد يكون ما يسمع هنا وهناك، ليس دقيقاً أو صحيحاً، ولذلك، فإن الالتزام برؤية القيادة الحكيمة صمام أمان، وضمان من التخبط والتشتت في مواجهة التحديات، وقد قال ربنا تبارك وتعالى، مؤكداً على ذلك: {وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم}، وفي هذا تقرير رباني لهذا المبدأ المهم، وهو وجوب الرجوع إلى القيادة الحكيمة في كل ما يتعلق بشؤون الأمن والاستقرار، وعدم الافتيات عليها في شيء من ذلك، فهم أهل الاستنباط والنظر، يرون الأمور على حقائقها، ويتخذون القرارات الحكيمة التي تحفظ أمن الوطن واستقراره، وسلامة كل من يعيش على ترابه.
وفي مثل هذه الظروف، تبرز الحاجة الماسة إلى تربية النفس على الهدوء والتثبت والاتزان، وتربية العقل على التروي والحكمة والبصيرة، وعدم الانجراف خلف الانفعالات والعواطف المنفلتة، أو الأخبار غير الموثوقة، أو الخطابات المثيرة والمغرضة، التي تتدفق عبر المنصات المختلفة، فالعاقل هو الذي يزن كلماته ومواقفه وما يتابع، ويتلقى بميزان الوعي الرصين والمسؤولية الوطنية، ولا يفسح المجال لأي تضليل أو إشاعة أن ينفذ إلى عقله، ويستقي المعلومات والأخبار من مصادرها الرسمية الموثوقة.
ومن الجوانب المهمة كذلك، أن نُربي أبناءنا وشبابنا على هذه القيم الوطنية، ونغرس فيهم مبادئ الولاء والانتماء، ونؤكد عليهم ثقافة المحافظة على الاستقرار ووحدة الكلمة، والتمسك بنهج القيادة الحكيمة، وخاصة في أوقات الأزمات والشدائد، ليكونوا حصناً منيعاً لوطنهم، وعامل استقرار في مجتمعهم، وسنداً لقيادتهم، يدركون خطورة الكلمة، وضرورة التمسك بنهج القيادة الحكيمة، ويستشعرون مسؤوليتهم في حماية النسيج الوطني من كل ما يهدده أو يُضعفه.
وفي أوقات الأزمات، تبرز خطورة الكلمة، سواء كانت مكتوبة أو مسموعة أو مرئية، وخاصة في عصرنا هذا، عصر التقنيات المفتوحة، ووسائل التواصل الاجتماعي العابرة للحدود والقارات، فلا ينشر الإنسان إلا ما يرضي ربه، ويحقق الخير لوطنه، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (كفى بالمرء كذباً أن يحدث بكل ما سمع)، وذلك يشمل جميع أفراد المجتمع، سواء كانوا مثقفين أو أكاديميين أو إعلاميين أو غيرهم، فيحرصون في حساباتهم الافتراضية ومجالسهم ولقاءاتهم، على ترسيخ الوحدة الوطنية، والتمسك بنهج القيادة الحكيمة، وكل ما يحفظ أمن هذا الوطن واستقراره.
وتتأكد في أوقات الأزمات التوكل على الله تعالى، واللجوء إليه، واستمداد العون منه، بقلوب خاشعة، عامرة بالإيمان واليقين بأن الله هو الحافظ والمعين، والإكثار من الدعاء لوطننا وقيادتنا ومجتمعنا، بأن يصرف عنا جميعاً السوء، ويديم على وطننا نعمة الأمن والاستقرار، فهو القائل سبحانه: {ومن يتوكل على الله فهو حسبه} أي كافيه من كل ما يضره.
نسأل الله تعالى أن يحفظ وطننا من كل سوء، ويوفق قيادتنا الحكيمة لما فيه خير البلاد والعباد.