أو بوه تشيان
لقيت مبادرة الحوكمة العالمية، التي طرحتها الصين، ترحيباً ودعماً من قادة الدول والمجتمع الدولي، مع الحاجة إلى معالجة عجز الحوكمة العالمية وتوجيه مسار البشرية.
قرر المجتمع الدولي تأسيس منظمة الأمم المتحدة، بعد مراجعة عميقة لدروس الحربين العالميتين، ما فتح صفحة جديدة في الحوكمة العالمية. اليوم، وبعد مرور ثمانين عاماً، يشهد الوضع الدولي تشابكاً متزايداً في الأزمات والتحولات، حيث تتعرض منظومة الأمم المتحدة ومبادئ التعددية لهزات متلاحقة، فيما يتسع نطاق العجز في منظومة الحوكمة العالمية عن مواكبة التحديات المعاصرة، والاستجابة الفعالة لها.
ويعاني الجنوب العالمي من ضعف التمثيل في منظومة الحوكمة الدولية، كما أن مقاصد ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة لم تُحترم على نحو فعال، بينما تنتهك العقوبات الأحادية القانون الدولي، وتضر بالنظام الدولي.
كما تتفاقم قضايا تغير المناخ، واتساع الفجوة الرقمية، وتظل مجالات جديدة مثل الذكاء الاصطناعي والفضاء السيبراني والفضاء الخارجي تفتقر إلى أطر وقواعد حوكمة واضحة. وفي ظل هذا الواقع، أصبح السؤال حول طبيعة أنظمة الحوكمة العالمية الواجب إرساؤها، وسبل إصلاحها وتطويرها، قضية مركزية، تحظى باهتمام المجتمع الدولي.
في هذه اللحظة المفصلية، تأتي مبادرة الحوكمة العالمية، التي طرحها الرئيس، شي جين بينغ، في وقتها المناسب، حيث توضح الاتجاه الصحيح للتعاون، لمعالجة عجز الحوكمة العالمية والتصدي لتحديات العصر، وتضخ زخماً قوياً في هذا المسار.
وترتبط المبادئ الخمسة الأساسية للمبادرة ارتباطاً وثيقاً بمقاصد ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة، وتهدف إلى دعم الدور المركزي للأمم المتحدة في الشؤون الدولية، وتشجيع الدول على المشاركة في إصلاح وبناء نظام الحوكمة العالمية، من خلال الأمم المتحدة وآليات التعددية الأخرى، بما يوفر مرشداً لبناء نظام أكثر عدلاً وإنصافاً، ويقود البشرية نحو مجتمع المصير المشترك.
دولة الإمارات العربية المتحدة، بصفتها مركزاً محورياً في المنطقة والعالم، ومنصة مفتوحة للتبادل الدولي والتعاون التجاري، تلتزم على الدوام بحل الخلافات عبر الحوار، وتعزيز التنمية من خلال التعاون. وعلى مدى أكثر من أربعين عاماً من العلاقات والتبادلات بين الصين والإمارات تم تشكيل ثقة متبادلة راسخة وعميقة، تقوم على الاحترام والمنفعة المشتركة.
وتتبنى الإمارات على الدوام مبدأ احترام سيادة الدول ووحدة أراضيها، والالتزام بالقانون الدولي والأعراف الدولية، كما تدعم بقوة التعددية، وتعتبر تمكين الشعوب مهمة وطنية رئيسية، وتحرص على دفع تعزيز الحوار والتعاون بين بلدان الجنوب العالمي بحيوية، وتضطلع بدور إنساني على نطاق واسع في العالم، وهو ما يتوافق إلى حد كبير مع روح مبادرة الحوكمة العالمية.
واليوم، تلعب الإمارات دوراً متزايد الأهمية كونها جسراً وحافزاً في القضايا الإقليمية والدولية، ما يخلق نقطة توافق طبيعية مع الصين في تنفيذ المبادرة. ومن خلال الجهود المشتركة يمكن للصين والإمارات أن تسهما بشكل أكبر في الحفاظ على السلام والاستقرار الإقليميين، وتعزيز التعافي والنمو الاقتصادي، ومواجهة التحديات العالمية، وتعزيز القيم الإنسانية المشتركة، بما يجلب المزيد من الخير لشعوب العالم.
في مواجهة التحديات العالمية، يظل التعاون أقوى من المواجهة؛ وفي خيارات الحوكمة، يبقى الحوار أكثر استدامة من القرار الفردي. إن تنفيذ مبادرة الحوكمة العالمية ليس أداء فردياً لدولة واحدة، بل هو قضية عملية مشتركة أمام جميع الدول.
وتتقاسم رؤى الصين والإمارات التنموية، وتتقارب أهدافهما السياسية، وترتبطان بروابط تعاون وثيقة، ما يوفر ظروفاً واقعية وقيمة نموذجية لتحويل المبادئ إلى أفعال، فلنجعل، بروح بناءة وعملية، من مبادرة الحوكمة العالمية منتجاً عاماً ملموساً، ولنوجه الحوكمة الإقليمية والعالمية نحو مسار أكثر عدلاً وإنصافاً، مستجيبين بإنجازات حقيقية لتطلعات الشعوب نحو السلام والأمن والازدهار.