أول منصة للمسرح في الإمارات

عمر عبيد غباش
منذ تأسيسها عام 1912 شكلت المدرسة الأحمدية في منطقة «الراس» بدبي حجر الأساس للتعليم النظامي في الإمارة، ومعلماً ثقافياً راسخاً في ذاكرة أهلها، فقد كانت أول مدرسة نظامية تستقبل أبناء دبي، وتغرس فيهم بذور المعرفة والقراءة والكتابة والقرآن الكريم، قبل أن تتطور لاحقاً لتصبح نواة لنهضة فكرية واجتماعية وثقافية واسعة في المجتمع المحلي، لكن ما يميز هذه المدرسة التاريخية العريقة، إلى جانب ريادتها التعليمية، هو أنها احتضنت أول عمل مسرحي تم توثيقه في تاريخ دولة الإمارات العربية المتحدة، ففي عام 1948 شهدت ساحة المدرسة عرضاً مسرحياً مميزاً بعنوان «عنتر وبسطام»، بإشراف وإخراج الشيخ محمد أحمد نور المهيري، الذي كان مدير المدرسة آنذاك، وأحد أبرز رواد التعليم والتنوير في دبي.

تميز هذا العرض ليس فقط بكونه الأول من نوعه، بل أيضاً بتركيبته المبدعة والمحفزة لخيال الطلبة، حيث جسّد شخصياته مجموعة من طلاب المدرسة، منهم عزير مبارك، وأحمد وسرور فيروز الفطيم، وسرور بن معصم، وقدموه أمام زملائهم احتفالاً بنهاية العام الدراسي. وكان العرض بسيطاً في أدواته، لكنه عميق في رسالته، ما يدل على وعي مبكر بقيمة المسرح أداة تربوية وتثقيفية.

وقد قدمت المسرحية بحضور الشيخ سعيد بن مكتوم آل مكتوم، حاكم دبي آنذاك، وولي عهده الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، إلى جانب عدد من أعيان المدينة، مثل الوجيه عمر بن عبيد الماجد، ما منح هذا الحدث أهمية خاصة في الذاكرة الثقافية والاجتماعية لدبي.

ولم يقف الدور الثقافي للمدرسة عند المسرح فقط، بل ارتبط بالقضايا القومية، حيث ألقى الشيخ محمد أحمد نور المهيري في المناسبة ذاتها قصيدة عن حرب 1948 في فلسطين، عبّر فيها عن موقف إنساني إسلامي حاسم، ودعا فيها المسلمين للدفاع عن أرض الإسراء، ودعم شعبها.

وقد أسهم عدد من الباحثين في توثيق هذا الحدث المفصلي، أبرزهم الأستاذ إبراهيم بوملحة، والمسرحي عبدالله صالح، من خلال كتابه «الأوائل في مسرح الإمارات»، ما رسخ مكانة المدرسة الأحمدية كونها أول منصة انطلقت منها الحركة المسرحية في الإمارات.



شريط الأخبار