اضطراب الألعاب

عمر عبيد غباش

لم يعد إدمان الأطفال على الألعاب الإلكترونية ظاهرة هامشية، بل أصبح تحدياً يومياً يواجه الأسر والمدارس وصناع القرار. فالطفل الذي يقضي ساعات طويلة أمام الشاشة يعاني غالباً من ضعف في النوم، وتراجع في تحصيله الدراسي، وانعزال عن محيطه الاجتماعي. ولهذا تزايد الاهتمام في البحث عن حلول عملية تحمي النشء من الانزلاق نحو ما أصبح يُعرف بـ«اضطراب الألعاب».


ففي الإمارات، اتخذت الدولة خطوات رائدة. وأُطلق «ميثاق الرفاه الرقمي للأطفال» بالشراكة مع شركات التقنية الكبرى، كما صدر قرار حظر الهواتف في المدارس عام 2025 لضبط البيئة التعليمية. كذلك أسس المركز الوطني للتأهيل في أبوظبي عيادة متخصصة لمعالجة «اضطراب الألعاب»، في خطوة تعد الأولى من نوعها عربياً. هذه الجهود تعكس وعياً بأن المواجهة لا تقتصر على الأسرة، بل تتطلب سياسات وتشريعات.

في بقية الوطن العربي، تختلف الإجراءات. ففي السعودية تركز المبادرات على التربية الرقمية، وفي مصر تعاونت الوزارة المختصة مع «اليونيسف» لنشر ثقافة المواطنة الرقمية، بينما تبرز في قطر أبحاث حول أثر الإغلاق المدرسي على أنماط اللعب. ورغم التفاوت، فإن القاسم المشترك هو إدراك الخطر وبدء تشكيل استجابات مؤسسية.

أما في العالم، فتتباين السياسات بوضوح. الصين وضعت أكثر الأنظمة صرامة، إذ لا يُسمح للقُصّر باللعب سوى ثلاث ساعات أسبوعياً، مع نظام تحقق من خلال الهوية. في المقابل، تكتفي الولايات المتحدة بدعوة الأسر إلى وضع «خطة استخدام مصممة» خاصة بكل طفل، معتبرة أن الحلول يجب أن تُبنى على الحوار والثقة.

أما روسيا فتركّز على تصنيف المحتوى وحماية القاصرين من المواد الضارة، دون فرض قيود زمنية. بينما اتجهت أستراليا مؤخراً إلى خطوة نوعية بتصنيف الألعاب التي تحتوي على «صناديق الحظ» باعتبارها محتوى مقامرة لا يناسب من هم دون 15 أو 18 عاماً.

هذه النماذج تكشف أن العلاج لا يقتصر على الأطباء أو الأخصائيين النفسيين، بل هو مسؤولية متكاملة تبدأ من البيت مروراً بالمدرسة وصولاً إلى الدولة. المطلوب خليط من التوعية والرقابة والتشريع، مع توفير بدائل جاذبة للطفل مثل الرياضة والفنون. فالطفل لا يحتاج فقط إلى منعٍ من اللعب، بل إلى فرصة لاكتشاف عالم أوسع من الشاشة المضطربة.



شريط الأخبار