د. نضال الطنيجي
منذ أن اندلعت حرب غزة قبل ما يقارب العامين ودولة الإمارات العربية المتحدة حاضرة في الميدان على أرض الواقع حضوراً فعلياً، يخفف الآلام، ويعالج الجروح، وينقذ المرضى، ويوفر شربة ماء للمحرومين من أبناء غزة.لم تنقطع المساعدات الإماراتية عن قطاع غزة يوماً واحداً، برغم امتداد فترات الحصار، التي فرضتها إسرائيل على دخول المساعدات من جميع أنحاء العالم، ومن جميع المنافذ، بحيث لم تمر إلا مساعدات الإمارات بصورة يومية تدخل كونها مساعدات إنسانية وطبية وغذائية، ويدخل البشر الذين يحملون المرضى إلى أبوظبي لتلقي العلاج مع أسرهم.
لقد نجحت دولة الإمارات في تقديم نموذج الدبلوماسية الإنسانية، من خلال الأفعال لا الأقوال، ومن خلال إقرار الحقائق على الأرض، والتدخل بصورة فريدة في الأزمات الدولية المستعصية، لتقديم ما يحتاج إليه الناس.
إن نجاح الإمارات في الدبلوماسية الإنسانية، التي أصبحت لصيقة باسم الإمارات، يقدم للعالم مثالاً لكيفية معالجة الأزمات عندما تتعلق بالبشر، والمجتمعات فلا يصلح معها إلا الأفعال الإنسانية، التي تضمد جروح البشر، وتعالج أزماتهم.
كانت أزمة غزة نموذجاً واضحاً للفعل الإماراتي، الذي قدم أكثر من ثلثي المساعدات الإنسانية، التي دخلت إلى غزة، وقدم أكثر من ذلك تحلية مياه البحر لما يقارب مليون إنسان بعد أن قطعت إسرائيل مصادر المياه عن سكان غزة.
وقدمت المخابز التي تصنع رغيف العيش الذي يحتاج إليه الإنسان في هذا القطاع المأزوم، الذي يعاني من مآسٍ لم تمر بها أي مجتمعات على ظهر الأرض خلال العامين الماضيين. إن وجود الإمارات على أرض الواقع هو الذي يحدث الأثر والتغيير، وليس فقط مجرد الحديث في قضايا سياسية قد لا يشعر بها الإنسان العادي.
هكذا كان حال الإمارات في جميع الأزمات طوال نصف القرن الماضي من البوسنة وكوسوفو والشيشان وأفغانستان وراوندا، وكل مناطق أفريقيا المحاصرة، ومنها السودان، دائماً الإمارات حاضرة بالفعل الإنساني، الذي يعالج التحديات المباشرة، التي تتعلق بالمجتمعات واحتياجات الإنسان.
إن نموذج الإمارات في الدبلوماسية الإنسانية يحتاج لأن يدرس، وأن يصل إلى الأجيال الجديدة من خلال مناهج التعليم والتثقيف حتى يدركوا أن دولتهم في مقدمة دول العالم في العمل الإنساني.
فقد تجاوزت المساعدات الإنسانية التي قدمتها الإمارات خلال نصف قرن أكثر من 100 مليار دولار، ذهبت إلى جميع مناطق الأرض، وجميع المجتمعات، وجميع الأديان والثقافات والخلفيات، لا تفرق بين البشر بناء على خلفياتهم أو أديانهم أو ألوانهم أو لغاتهم، وإنما تتعامل معهم جميعاً على أنهم بشر يستحقون الحياة، هذه هي الإمارات التي يجب أن نفخر بها، ونفاخر بها العالم.