خبراء في منتدى دبي للمستقبل: مدن المستقبل ستضم مجتمعات حضرية متصلة واقتصادات ذكية تشاركية

الامارات 7 - أكد خبراء في الجلسات الرئيسية لليوم الثاني من "منتدى دبي للمستقبل 2025"؛ أن تصميم مدن ومجتمعات المستقبل الذكية سيستفيد من التطور الهائل في التقنيات والتكامل المتنامي بين العلوم والتخصصات المختلفة، لصناعة فرص مستقبلية نوعية في قطاعات حيوية قائمة وجديدة كلياً.

وأكد آدم سكوت، الشريك المؤسس لمؤسسة "إكسبيرينس" المتخصصة في الإستراتيجيات والتصميم المستقبلي، في جلسة رئيسية، أهمية امتلاك نظم تشغيلية ذكية لمدن ومجتمعات الغد، تنسّق كل المهام من خلال طرح منظومات ترميز وبرمجة ذكية جديدة لعملياتها التشغيلية المختلفة ومرافقها الخدمية اليومية بالاستفادة من تقنيات الذكاء الاصطناعي وبتوظيف مبدأ التشاركية ومركزية البيانات العامة المفتوحة.

وقال إن مدن المستقبل تحتاج إلى رؤية جديدة تركز على الروابط الإنسانية والاجتماعية، وليس على المشروعات المنعزلة، موضحا أن القصص التي تُعبّر عن الناس وتفاعلهم داخل المدن هي الأساس لبناء مسؤولية جماعية ورعاية متبادلة بين الأجيال. وأضاف أن العودة إلى الأنماط المعيشية المحلية والعالمية تمنح العاملين في تخطيط مدن المستقبل لغة مشتركة، تساعدهم على تطوير ما وصفه بـ"التصنيع التعاوني" كنموذج يربط بين الأماكن والثقافات والمجتمعات.

وأشار سكوت إلى أن البيئة العمرانية الحالية قد تعجز أحياناً عن مواكبة سرعة التحولات الثقافية، ما يستدعي تدخلاً يعيد صياغة طريقة التفكير في العمارة والتطوير العقاري، داعيا إلى التركيز على إشراك الناس وتعزيز شعورهم بالانتماء، باعتبارها عناصر قادرة على توجيه القرارات المؤثرة وإضفاء المعنى والإنسانية على عملية تطوير مجتمعات الغد.

واختتم سكوت كلمته بدعوة المستثمرين والمطورين والمهندسين والمبدعين حول العالم إلى بدء حوار مفتوح جديد وتوحيد الجهود لبناء منظومة حضرية مستقبلية نابضة بالحياة تستحق أن يعيش الناس فيها.

وأكد سعادة المهندس مروان بن غليطة، المدير العام لبلدية دبي، أن قوة دبي تكمن في استمرارية التجديد والتطوير، مشيراً إلى أنها مدينة عالمية صُممت من أجل الإنسان، وقال: "نجحنا في إنشاء مجتمعات متكاملة يستطيع الساكن فيها الوصول إلى الخدمات الأساسية المختلفة خلال عشرين دقيقة، بل وفي بعض المناطق خلال خمس دقائق فقط. وهذا يعني أن دبي أصبحت مدينة متكاملة تخدم الإنسان وتلبي احتياجاته الحقيقية".

وأشار، خلال جلسة رئيسية في منتدى دبي للمستقبل 2025 بعنوان "مستقبل المدن: ما هو نموذج دبي؟"، إلى النجاحات المتميزة التي حققتها المدينة في استقطاب العقول وتحويل التحديات إلى فرص ذهبية، مؤكداً أن "دبي اليوم تلبي وتواكب وتستبق بفخر توقعات أكثر من 200 جنسية. وقد استطعنا تحويل هذا التنوع الثقافي الثري إلى قوة دافعة للابتكار من خلال شراكات إستراتيجية مع القطاع الخاص والشركات الناشئة والجامعات الرائدة".

واختتم بن غليطة بالتأكيد على أن دبي التي أصبحت اليوم وجهة عالمية مفضلة للعيش والعمل وجودة الحياة ستواصل هذا المسار التنموي الشامل والمستدام للمستقبل.

بدورها أكدت البروفيسورة ليزلي لوكو، مؤسسة ورئيسة معهد أفريكان فيوتشرز، أن مدن المستقبل ستؤثر بشكل شامل على هوية مجتمعاتها.

وقالت في جلسة بعنوان "كيف تعيد مدن المستقبل رسم ملامح هوية المجتمع؟"، إن المستقبل ليس محطة نهائية، بل هو مسار متواصل من التعلم والتغيير، وهو ما يتجلى في تجربة دبي التي استطاعت أن تمزج بين إرثها التاريخي العميق وسرعة تطورها المعاصر، لافتةً إلى أن مفاهيم مثل المعرفة والحوار والفضول أصبحت عناصر محورية في رسم ملامح مستقبل المجتمعات؛ حيث تبرز دبي كنموذج عالمي يحقق توازناً بين الحركة الدائمة والقدرة على ابتكار هياكل حضرية تتجاوز المفاهيم التقليدية للهوية والعمران.

وأكدت لوكو أن الهدف من الحوار لا يكمن في تقديم إجابات جاهزة حول مستقبل المدن، بل في تحفيز التفكير وفتح المجال للنقاش وطرح الأسئلة، مشيرة إلى أن النجاح يُقاس بالقدرة على إثارة التساؤلات، مستعرضةً تجربة تأسيس "معهد المستقبل الإفريقي" عام 2021، انطلاقاً من قناعة بأن العمارة تفكير مستمر في المستقبل يتطلب نماذج عمل مرنة وهجينة.

وأوضحت أن إفريقيا والجزيرة العربية تقدمان مثالاً على تكامل مفاهيم الحيوية السكانية مع مسارات التطوير المتسارعة، التي لا يمكن اختزالها في مفاهيم الحداثة فقط، بل بفهم عميق لتاريخ عريق وتوقعات مستقبلية طموحة.

وناقشت جلسة حوارية رئيسية في "منتدى دبي للمستقبل 2025" مسار البشرية "من الذرّة إلى النجوم والحدود الجديدة لاستكشاف الكون".

وطرح الدكتور نيكو مادوسوهان، بروفيسور الفيزياء الفلكية في جامعة كامبريدج، تصورات واعدة حول مستقبل الاستكشاف الفضائي بالاستفادة من التطور النوعي للتكنولوجيا.

وقال مادوسوهان إن البشرية تقف اليوم، ولأول مرة في تاريخها، على أعتاب اكتشاف أي مؤشرات للحياة خارج الأرض، ليس فقط على كواكب شبيهة، بل في عوالم جديدة بالكامل لم يُعرف وجودها من قبل، لافتاً إلى أن مستقبل استكشاف الكون لم يعد يدور حول سؤال "هل نحن وحدنا؟"، بل حول كيفية توسيع آفاقنا لإدراك ما يمكن أن تكون عليه أشكال الحياة بين النجوم.

واختتم مادوسودهان: "في ظل التقدم التكنولوجي الهائل، يمكننا القول إنه لا حدود أمام سعينا لاكتشاف الحياة. ويتوجب علينا نحن البشر أن ننظر إلى أنفسنا ليس كسكان الأرض فحسب، بل ككائنات كونية تنتمي إلى هذا الكون الواسع. ومع تسارع وتيرة الاكتشافات الكونية، لا بد لنا من تعزيز جاهزيتنا لإعادة تشكيل مفهوم الحياة على هذا الكوكب في المستقبل".



شريط الأخبار