دبي والقفزة النوعية في مؤشر المدن الذكية

د. موزة العبار
لا يختلف اثنان على أن ما تحقق ويتحقق في مدينة دبي من إنجازات ومشاريع عملاقة محلية وعالمية فاقت جميع التصورات والتخيلات، ما هو إلا نتاج وثمرة الرؤية الثاقبة لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، الذي استطاع إلهام شعبه والمقيمين معهم في دبي وفق مقولته الشهيرة «لا شيء مستحيل»، وإن دبي ستكون أول مدينة ذكية ورقمية في الشرق الأوسط.
ويرى الخبراء وأصحاب الشأن المختصين في الشؤون الرقمية في دبي أن دبي تسابق الزمن لصنع مستقبلها الرقمي الرائد، وترسيخ مكانتها نموذجاً ملهماً في الحياة الرقمية، من خلال توفير منظومة ذكية متطورة محفزة لكل من يسعى للاستثمار في بيئة اقتصادية رقمية مبتكرة تتسم بالمرونة والتطور والاستخدام الذكي للتقنيات الرقمية بما يجسد تطلعات قيادتها الرشيدة.
ومما لا شك فيه أن التناغم الشامل وعمل الفريق الواحد بين الجهات الحكومية ومع الشركاء في القطاع الخاص يعد من أبرز مميزات تجربة دبي في هذه المرحلة، إذ يعمل الجميع وفق منظومة من البيانات الرقمية المتدفقة بين مراكز البيانات والسحب الرقمية لتقديم خدمات سريعة واستباقية وعلى مدار الساعة.
ويرتبط ظهور مفهوم «المدن الذكية» بمؤشر المدن الأوروبية متوسطة الحجم الذي حدد مجموعة معايير تساعد على تحديد درجة إبداعية المدن، وهي المستوى الاقتصادي، وطبيعة الحكم، ومستوى المعيشة، ونوع الطاقة المستخدمة، والمواطنون في المدينة، وخصائصهم المختلفة، والانتقال الذكي، وانطلاقاً مما سبق ذكره حققت دبي إنجازاً بارزاً في رحلتها نحو التحول الرقمي، حيث قفزت إلى المركز الرابع عالمياً في مؤشر IMD للمدن الذكية 2025، مسجلة تقدماً بثمانية مراكز خلال عام واحد فقط، ويعزز هذا الإنجاز مكانة دبي العالمية بوصفها مدينة مستقبلية متقدمة تعتمد على التكنولوجيا مع تصدرها المرتبة الأولى عربياً وآسيوياً.
وسجلت دبي أداءً متميزاً في عدد من المؤشرات الرئيسة التي تعكس رضا السكان عن الخدمات الرقمية والبنية التحتية الذكية في المدينة، منها على سبيل المثال بلوغ مستوى الرضا عن حجز المواعيد الطبية عن طريق الإنترنت 84.5 %، وعبّر 86.5 % من السكان عن ثقتهم في سرعة الإنترنت، كما أبدى 85.4 % من سكان دبي رضاهم عن سهولة إنجاز معاملات الوثائق التعريفية عبر الإنترنت.
وفيما يتعلق بجودة الخدمات، حصلت خدمات الرعاية الصحية على معدل رضا بلغ 82.8 %، بينما بلغت نسبة رضا السكان عن سهولة الوصول إلى المساحات الخضراء 83.4 %، كما أعرب 84.3 % عن رضاهم عن خدمات إعادة التدوير، في حين وصلت نسبة الرضا عن الأنشطة الثقافية إلى 86.5 %.
وأظهر تقرير عام 2025 تحسناً في أداء دبي ضمن 16 من أصل 20 مؤشراً تقنياً، إلى جانب تطور ملحوظ في جميع محاور حوكمة التكنولوجيا الأربعة.

ويعد مؤشر المدن الذكية IMD الصادر عن مركز التنافسية العالمية التابع للمعهد الدولي للتنمية الإدارية أداة تحليلية عالمية مرموقة تقيم مدى فعالية استثمار المدن للتقنيات الرقمية في تحسين جودة حياة سكانها.
ويعتمد المؤشر، الذي دخل عامه السادس، على خمسة محاور رئيسية، تشمل الصحة والتنقل والأنشطة والحوكمة والفرص، ويستند إلى استطلاع مباشر لآراء السكان حول تجربتهم الحياتية داخل المدينة، وإلى استطلاعات دقيقة وشاملة تستخلص آراء السكان وتجاربهم المباشرة مع الخدمات المقدمة، ما يتيح تقييماً واقعياً لمدى فاعلية الحلول الرقمية في تعزيز جودة الحياة وتحسين تفاصيلها اليومية، ويعكس هذا التوجه الإنساني التزام دبي برؤيتها الطموحة في أن تكون المدينة الأفضل عالمياً للعيش والعمل، من خلال تسخير التكنولوجيا كوسيلة لتحقيق الرفاه وتوسيع نطاق الفرص، ودفع عجلة النمو المستدام بما يخدم جميع أفراد المجتمع.

كما يعد تتويجاً للجهود التي بذلتها الهيئات والمؤسسات الحكومية وقطاع الأعمال في إمارة دبي لتحويلها للمدينة الأذكى عالمياً عبر توظيف التقنيات الحديثة والمتطورة لتقديم الخدمات بجودة عالية، بهدف تحسين جودة الحياة، وتحقيق السعادة والرفاهية للسكان.
عودة للقول إن ما وصلت إليه دبي من قدرة متميزة في حصد المستويات والأرقام المتقدمة عالمياً ما هو إلا تأكيد على مكانتها الريادية نحو ترسيخ أفضليتها بين مدن العالم للعيش والاستجمام والعمل لكل الفئات والأعمار من بلدان العالم كافة عبر نجاحاتها المتعددة، بما فيها التعامل مع إدارة المخاطر والأزمات والكوارث وفق أرقى وأعلى المعايير، وعبر استراتيجيات وخطط نوعية وبرامج ابتكارية وإبداعية وأنظمة وتقنيات حديثة ذكية ونهج تشاركي مع الجهات الحكومية والخاصة ومنظمات المجتمع المدني في دبي؛ لضمان تحقيق المرونة والذكاء والاستدامة لكل أفراد المجتمع.



شريط الأخبار