حامد بن كرم
تجري الرياح كما تجري سفينتنا
نحن الرياح ونحن البحر والسفن
كأنه بهذا البيت استهل زيارته الرسمية والتي تحمل رمزية تاريخية عميقة وأبعاداً اقتصادية استراتيجية، حيث حلّ سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، ضيفاً على جمهورية الهند، في زيارة صادفت الذكرى المئوية لزيارة جده المغفور له الشيخ سعيد بن مكتوم، طيب الله ثراه، الذي كانت زيارته للهند قبل قرن من الزمان بمثابة حجر الأساس في بناء علاقات راسخة.
تأتي هذه الزيارة في وقت دقيق تمر به العلاقات الاقتصادية الدولية بمنعطف حرج، لا سيما في ظل التوترات التجارية العالمية التي أشعلها قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بفرض رسوم جمركية إضافية على الدول، هذا القرار الذي أثار موجة من القلق في الأسواق العالمية، وهو ما تعتبره قيادتنا الرشيدة فرصةً لإعادة توجيه بوصلة شراكاتها الاقتصادية، وتعزيز علاقاتها مع شركاء استراتيجيين مثل الهند، التي تعد من أكبر الاقتصاديات الصاعدة وأكثرها تنوعاً.
إن الزيارة لم تكن مجرد مجاملة دبلوماسية أو استذكار لتاريخ مشترك، بل كانت خطوة محسوبة بعناية تعكس بعد نظر سياسي واقتصادي وحنكة استثنائية. ركز سموه على فتح قنوات جديدة مع رجال الأعمال الهنود واستقطاب رؤوس أموالهم نحو أسواق الإمارات، محولاً التحديات العالمية كفرصة لتعزيز الاستثمارات الدولية.
وقد أظهر سموه خلال الزيارة مزيجاً فريداً من الحنكة الاستراتيجية، وتوجّه للوجدان الهندي، مستحضراً القيم المشتركة والروابط التاريخية، ومؤكداً أن الإمارات كانت وستظل بوابة آسيا إلى العالم. هذا التوجّه الوجداني، المقرون برؤية اقتصادية مدروسة، خلق صدى واسعاً في الأوساط السياسية والاقتصادية الهندية، وفتح الباب أمام تفاهمات جديدة واتفاقيات واعدة.
ومع تصاعد التحديات الاقتصادية العالمية، تبرز هذه الزيارة كنموذج للدبلوماسية الذكية التي توائم بين الذاكرة التاريخية والمصالح المستقبلية، إنها ليست فقط احتفاءً بالعلاقات، بل خارطة طريق لتعاونٍ مثمر بين الإمارات والهند، بقيادة شابة تمتلك الرؤية والبصيرة، وتجيد قراءة التحولات واستثمارها لصالح الوطن.