الرؤية الكلية والنظرة الجزئية

الامارات 7 - د . مصطفى الفقي

اختلف "المناطقة" في تحديد أفضلية البدء "بالجزء" قبل النظر إلى "الكل" ورأى بعض آخر أن فحص "الكل" مقدمةٌ ضرورية لسلامة "الجزء"، واختلف "الفلاسفة" حول أهمية الانتقال من العام إلى الخاص أو العكس من الخاص إلى العام، ونحن نقترب من مفهومٍ نريد أن نصل إليه ونعني به الرؤية الشاملة في مواجهة النظرة الجزئية . إذ إن الاستغراق في الفروع والغرق في التفاصيل يؤديان إلى حالة من التيه ويحيلان خطط المستقبل وبرامجه إلى جزرٍ منعزلة ليس بينها ضابط ولا رابط فضلاً عن تشتيت الأفكار وبعثرة الجهود .
وأنا ممن يؤمنون أن تأمل المشهد بالكامل هو الذي يسمح بتعديل فصوله أو تغيير أبعاده إذ لا فائدة على الإطلاق من الالتقاط الجزئي خارج الإطار العام من دون الاستناد إلى أفكار واضحة لدى من يمضون وراءها ويسعون إليها، لذلك اخترت عنواناً لهذا المقال يدور حول هذا المعنى أو يقترب منه لأنني مؤمن بأن العلاقة بين الكل والجزء، بين العام والخاص، بين الرؤية الكاملة والنظرة الضيقة هي شبيهة بالعلاقة بين "الغابة" و"الشجرة"، فقد تكون الأشجار باسقة جميلة المنظر وهي تقف فرادى ولكنك إذا نظرت إلى "الغابة" نظرة فوقية فسوف تكتشف أنها لا تبدو بذلك الجمال والرونق الذي يجب أن تكون عليه فالنباتات عشوائية والتنسيق غائب، المناظر متشابكة والصور متداخلة، وذلك الأمر ينطبق على "الأوطان" أيضاً عندما نضرب في كل اتجاهٍ بسهم بينما يغيب التصور الشامل الذي يقوم على "الخيال" البعيد الذي صنع المجتمعات الكبرى وحقق الإصلاح في كثير من دول العالم .
إن حق الخيال منحة إلهية يجب عدم التفريط فيها وهي التي تعطي القدرة على استشراف المستقبل وقراءة ما هو قادم والسعي نحوه والمضي لتحقيقه، أقول ذلك وفي خلفية تفكيري "الحالة المصرية"، بما لها وما عليها، بإيجابياتها وسلبياتها، بمعاناتها في الحاضر وآمالها في المستقبل، وأقدم هنا الملاحظات الآتية:
* أولاً: إن "فقه الأولويات" أمر يستحق الاهتمام ويستوجب التفكير، لأن الفارق بين دولة وأخرى وشعبٍ وآخر هو القدرة على ترتيب سلم الأولويات وتحديد المهم فالأقل أهمية ولا يمكن أن نترك الأمور تمضي في كل اتجاه بشكل عبثي، إذ إن تحديد الرؤية والاتفاق على الهدف وتصويب المسار هي كلها مقومات لازمة للإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي بل والديني أيضاً، ونحن أحوج ما نكون إلى تحديد "أولويات ترتيب البيت" في ظل الظروف التي يمر بها الوطن المصري بعد ثورتين شعبيتين وسقوط نظامي حكم في فترة وجيزة، إن حق الخيال واستشراف المستقبل أمران طبيعيان في بناء الدول وتقدم الأمم ونهضة الشعوب .
* ثانياً: هناك نظرية تقليدية في علم الاقتصاد تتحدث عن "أقطاب النمو" أي التركيز على قطاع معين يجر قاطرة الإصلاح وراءه، ولقد ركزت تجارب وطنية كثيرة على قطاع بذاته تملك فيه "ميزة نسبية" ورأت أن الإصلاح فيه يؤدي إلى التقدم الشامل ويقود قاطرة التنمية بينما رأت نظرية أخرى في المقابل أن المضي على جبهة عريضة للتنمية أمر أكثر ضماناً على اعتبار أن القطاع المتقدم يشد إلى جانبه قطاعاً آخر أقل تقدماً مع التسليم بقاعدة السرعات المتفاوتة حيث إن تخلف أحد القطاعات لا يعني توقف غيره، فالتنمية الحقيقية تقوم على ناتج القطاع الأسرع في إطار الجبهة العريضة وفقاً لتلك النظرية، والسؤال المطروح حالياً إلى أي المدرستين ينتمي التطور الإصلاحي الحالي في "مصر"؟
* ثالثاً: إن مشكلات مصر فريدة من نوعها، لأننا لسنا بلداً فقيراً ولا غنياً، ولا متقدماً ولا متخلفاً، ولكن لدينا خليط من كل ذلك، فهناك مواقع إذا زرتها أصابك تفاؤل بغير حدود وأخرى إذا وقعت عينك عليها أصابك تشاؤم شديد، إننا بلد لم يعرف الخطوات المنتظمة في اتجاهٍ واحد ولكنه كان يمضي أحياناً في اتجاهاتٍ متضادة وأحياناً أخرى كانت الأمور تمضي بنظرية "محلك سر" لذلك لم نتمكن حتى الآن من تحديد مسار عصري لاستكمال ملامح الدولة الحديثة، فالتخلف والتقدم يمضيان معاً، والخرافة والعلم يسيطران معاً، إن مصر تحتاج إلى جيش من علماء الاجتماع والدراسات السلوكية وربما قبل جيش الاقتصاديين والسياسيين أيضاً، كما أن الثقافة التي تعكس أسلوب الحياة قد تعرضت في السنوات الأخيرة إلى ارتباك بين الأجيال المختلفة وخلاف في المسارات بصورة لم نشهدها من قبل، لذلك فإن المشكلة الرئيسية لمصر تكمن في شبابها الذي يمثل الشريحة الأكبر من أعمار المصريين ولكنه يشعر في الوقت ذاته بدرجة من التهميش التي تراكم الإحساس بها من النظم المتعاقبة وشيوع الفساد وسطوة الاستبداد! ولابد لهذا الشباب أن يستعيد الثقة في وطنه من خلال قيادته الجديدة والرؤية التي تطرحها للمستقبل .
* رابعاً: لقد حقق الرئيس السيسي اختراقات كثيرة في الداخل والخارج وينبغي أن يكون كل ذلك في إطار صفقة فكرية واحدة ونظرة شاملة، أما الأخذ بالمحاولات الجزئية فإنه يفيد في بعض الوقت ولكنه لا يؤدي إلى نتيجة دائمة كل الوقت، خصوصاً وأن الرجل يسعى في كل اتجاه من الولايات المتحدة الأمريكية إلى الصين ومن غرب آسيا إلى أرجاء القارة الأم "إفريقيا" فضلاً عن صورة مشرقة لدى أشقائنا العرب خصوصاً في الخليج، إنه الحاكم الذي زار الصين واستقبل رئيس وزراء اليابان" في القاهرة خلال أسبوع واحد، وهو الذي يحاول الارتقاء بالخطاب الديني ليعبر عن صحيح الإسلام ويأخذ بروح التجديد في ذات الوقت، وهو الرئيس الذي رعى الوحدة الوطنية بزيارة مفاجئة للأشقاء الأقباط في كنيستهم الكبرى أثناء صلاة عيد الميلاد، فلا أحد يشكك في صدق مسعاه ولكن الخطورة تكمن في ضرورة وجود بلورة شاملة لضرباتٍ ناجحة في كل اتجاه تحتاج أن تتحوّل إلى رؤية شاملة في التفكير ونظرة متكاملة في التنفيذ .
. .تلك رؤية خالصة لوجه الله والوطن . . وأي وطن إنه أقدم الأوطان!

المقال منقول من موقع الخليج



شريط الأخبار تعرف على افضل الأماكن السياحية في راس الخيمة تعرف على افضل فنادق الفجيرة .. لـ تجربة استجمام فريدة بعيداً عن الصخب تحفة الامارات وعاصمة الفخامة .. أبو ظبي حيث تلتقي التقاليد بـ الحداثة جميـرا .. ايقـونـة الجمـال والاناقـة في قـلب دبي الشارقة .. حـديقة مملكة اللآلئ المائية وجزيرة الأساطير مغامـرات تستحق التجربة تعرف على أجمل الأماكن السياحية في دبي للأطفال أفضـل مطـاعم عـائلية في دبي .. ننصحـك بِـ تجربتهـا متع اطفالك بـ لعبة الرغوة المائية في حديقة مملكة اللؤلؤ في الشارقة استكشف لعبة الغواصة المائية في جزيرة الأساطير بـ الشارقة لاتفـوت فرصة الاستمتاع بالعروض الخيالية لـ نافـورة الشارقـة إرث الداو في عجمـان .. رحلـة عبـر التاريخ والحرفيـة البحريـة الى العالميـة هـايكنـج عجمـان .. وجهـة المغـامرين بين جبـال مصـفـوت والمنامـة استمتـع بجمال وسحـر مرسى عجمـان .. وجهتـك الأمثـل للترفيـه والإسترخـاء عـلى الواجهـة البحريـة أسـرار الرفاهيـة في عجمـان .. استمتـع بـ جمـال شواطئـها وفخـامة منتجعاتهـا تعالوا في رحلة إلى عالم الخيول العربية الأصيلة في مربط عجمان