الامارات 7 - -ضياء الكعبي
كرَّمت مؤسسة الفكر العربي التي يرأسها سمو الأمير الملكي خالد الفيصل الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، وذلك بتقديم درع "مسيرة عطاء" في حفل توزيع جائزة الإبداع العربي الذي أُقيم مؤخرًا في العاصمة الإماراتية أبوظبي ووسط حضور ثقافي رفيع المستوى عربيًا.
استطاع الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي تحويل إمارة الشارقة خلال عقود حكمه إلى إمارة ثقافية من الدرجة الأولى وذلك بالاشتغال على مشاريع ثقافية رائدة أحدثت حراكًا ثقافيًا كبيرًا على المستوى العربي. ولقد حظي المسرح بالذات باهتمام كبير من الشيخ الدكتور القاسمي، وتجلَّى ذلك في كونه اتجه إلى التأليف المسرحي منذ شبابه بتأليف مسرحية ثم كثَّف اشتغاله الإبداعيّ المسرحي في السنوات الخمس عشرة الأخيرة بتأليف تسع مسرحيات على درجة كبيرة من الأهمية كما سأبين بعد قليل.
كما تركَّز اشتغاله المسرحي في تأسيس مهرجانات مسرحية كبرى سنوية استقطبت عشرات الأسماء الإبداعية المؤثّرة عربياً وعالمياً. وكذلك من خلال إنشائه المسرح الثقافي الاستثنائي مسرح المجاز الذي استضاف عروضًا عالمية مهمة انطلقت بعرض مبهر جدًا هو أوبريت "عناقيد الضياء". إنَّ اهتمام الشيخ الدكتور القاسمي بالتاريخ الحديث للخليج العربي ّكان كبيرًا جداً إلى حد اشتغاله في أطروحة الدكتوراه التي أنجزها في جامعة اكستر البريطانية على تفنيد الادعاءات الكولونياليىة البريطانية بشأن قرصنة القوى العربية في الخليج ومنهم القواسم كذلك تناوله لتاريخ الخليج العربي في أكثر من مؤلف مهم آخرها كتابه عن "صراع القوى والتجارة في الخليج" لتصحيح بعض الأخطاء الكبرى تاريخيًا.
والشيخ الدكتور القاسمي الذي يصدر من خلفية أكاديمية رصينة جداً يشتغل حالياً على كتابة موسوعة خاصة بتاريخ الخليج العربي منذ أقدم العصور إلى عصر الحماية البريطانية. وهو مؤهلٌ لهذا العمل نظرًا إلى اختصاصه الأكاديمي في حصوله على درجتي دكتوراه من جامعتين بريطانيتين عريقتين هما اكستر ودرم؛ الدكتوراه الأولى هي دكتوراه الفلسفة في التاريخ والثانية دكتوراه الفلسفة في الجغرافية السياسية للخليج.
في كتابه "مسرح القضية الأصلية، البنية الفكرية في مسرح الدكتور سلطان القاسمي" بين الناقد البحريني الأستاذ الدكتور إبراهيم غلوم طبيعة الأطروحة الاستثنائية في مسرح سلطان القاسمي بقوله"، ومن بين ما قرأتُ في المسرح العربي في سنوات مابعد الاجتياح (العقود الثلاثة الأخيرة) لم أجد أحدًا من الكتاب من يتوقف عند اللحظة التاريخية الخاصة بهذه المرحلة كما وجدتُ ذلك في نصوص الدكتور سلطان القاسمي المسرحية التي كتبها في ذروة مرحلة ما بعد الاجتياح منذ 1997 وحتى الآن. لقد استغرقت هذه النصوص وعددها تسعة، أكثر من خمس عشرة سنة من الوعي الزمني لكنها استوعبت وعيًا أبعد من ذلك بكثير(...) لقد حوَّل الدكتور القاسمي سؤال المسرح العربي من منطقة التردّد بين النموذج التراثي والنموذج الغربي إلى نموذج ينفتح على نمط معرفي لايكترث بالقالب أو الشكل، فالتأصيل لايقع في الشكل وإنّما يقع في جوهر الفن المسرحي".
إذاً ينطلق مسرح الشيخ الدكتور القاسمي من جوهر قضية أصلية كبرى يدافع عنها وقد انتظمت تلك القضية في مجمل أعماله الكبرى جميعها بما في ذلك التاريخي والسياسي، وثوابته العربية القومية بارزة في تلك الأعمال والأطروحات حتى لوكان بعضها يتناول بعض القوى المحلية ولكن ذلك لايفصلها عن جوهر القضية القومية الكبرى.
لقد أنتج الشيخ الدكتور سلطان القاسمي إبداعاً لايقلُّ أهمية في رصانته عن أعماله الأكاديمية، وإبداعه تنوَّع بين المسرح والرواية والسيرة الذاتية وسيرة مدينة هي الشارقة. ولم يقتصر دور الشيخ الدكتور القاسمي على الإنتاج الإبداعي، فهو صاحب مبادرات ثقافية كبرى محلية وحتى عالمية وهو فعل ثقافي لا يركن إلى السكون يحركه الشغف المعرفي الثقافي إلى البحث عن الاستثنائي والمسكوت عنه والتقميش في المصادر التي يعزُّ الوصول إليها وليس القبول بالسائد الروتيني الذي يسبب عقم المعرفة وجمودها. أبارك لدولة الإمارات العربية المتحدة وجود مثل هذه القامة الثقافية الشامخة وأبارك للإمارات الحبيبة هذا التكريم لمؤسِّس ثقافي يستحق التكريم بجدارة استثنائية؛ فالشيخ الدكتور سلطان القاسمي بالفعل فعل ثقافي تجاوز التأثير العربي إلى التأثير العالمي بأطروحاته المترجمة إلى بعض اللغات الحية وكذلك بحضوره الثقافي المشع عالمياً.
24
كرَّمت مؤسسة الفكر العربي التي يرأسها سمو الأمير الملكي خالد الفيصل الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، وذلك بتقديم درع "مسيرة عطاء" في حفل توزيع جائزة الإبداع العربي الذي أُقيم مؤخرًا في العاصمة الإماراتية أبوظبي ووسط حضور ثقافي رفيع المستوى عربيًا.
استطاع الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي تحويل إمارة الشارقة خلال عقود حكمه إلى إمارة ثقافية من الدرجة الأولى وذلك بالاشتغال على مشاريع ثقافية رائدة أحدثت حراكًا ثقافيًا كبيرًا على المستوى العربي. ولقد حظي المسرح بالذات باهتمام كبير من الشيخ الدكتور القاسمي، وتجلَّى ذلك في كونه اتجه إلى التأليف المسرحي منذ شبابه بتأليف مسرحية ثم كثَّف اشتغاله الإبداعيّ المسرحي في السنوات الخمس عشرة الأخيرة بتأليف تسع مسرحيات على درجة كبيرة من الأهمية كما سأبين بعد قليل.
كما تركَّز اشتغاله المسرحي في تأسيس مهرجانات مسرحية كبرى سنوية استقطبت عشرات الأسماء الإبداعية المؤثّرة عربياً وعالمياً. وكذلك من خلال إنشائه المسرح الثقافي الاستثنائي مسرح المجاز الذي استضاف عروضًا عالمية مهمة انطلقت بعرض مبهر جدًا هو أوبريت "عناقيد الضياء". إنَّ اهتمام الشيخ الدكتور القاسمي بالتاريخ الحديث للخليج العربي ّكان كبيرًا جداً إلى حد اشتغاله في أطروحة الدكتوراه التي أنجزها في جامعة اكستر البريطانية على تفنيد الادعاءات الكولونياليىة البريطانية بشأن قرصنة القوى العربية في الخليج ومنهم القواسم كذلك تناوله لتاريخ الخليج العربي في أكثر من مؤلف مهم آخرها كتابه عن "صراع القوى والتجارة في الخليج" لتصحيح بعض الأخطاء الكبرى تاريخيًا.
والشيخ الدكتور القاسمي الذي يصدر من خلفية أكاديمية رصينة جداً يشتغل حالياً على كتابة موسوعة خاصة بتاريخ الخليج العربي منذ أقدم العصور إلى عصر الحماية البريطانية. وهو مؤهلٌ لهذا العمل نظرًا إلى اختصاصه الأكاديمي في حصوله على درجتي دكتوراه من جامعتين بريطانيتين عريقتين هما اكستر ودرم؛ الدكتوراه الأولى هي دكتوراه الفلسفة في التاريخ والثانية دكتوراه الفلسفة في الجغرافية السياسية للخليج.
في كتابه "مسرح القضية الأصلية، البنية الفكرية في مسرح الدكتور سلطان القاسمي" بين الناقد البحريني الأستاذ الدكتور إبراهيم غلوم طبيعة الأطروحة الاستثنائية في مسرح سلطان القاسمي بقوله"، ومن بين ما قرأتُ في المسرح العربي في سنوات مابعد الاجتياح (العقود الثلاثة الأخيرة) لم أجد أحدًا من الكتاب من يتوقف عند اللحظة التاريخية الخاصة بهذه المرحلة كما وجدتُ ذلك في نصوص الدكتور سلطان القاسمي المسرحية التي كتبها في ذروة مرحلة ما بعد الاجتياح منذ 1997 وحتى الآن. لقد استغرقت هذه النصوص وعددها تسعة، أكثر من خمس عشرة سنة من الوعي الزمني لكنها استوعبت وعيًا أبعد من ذلك بكثير(...) لقد حوَّل الدكتور القاسمي سؤال المسرح العربي من منطقة التردّد بين النموذج التراثي والنموذج الغربي إلى نموذج ينفتح على نمط معرفي لايكترث بالقالب أو الشكل، فالتأصيل لايقع في الشكل وإنّما يقع في جوهر الفن المسرحي".
إذاً ينطلق مسرح الشيخ الدكتور القاسمي من جوهر قضية أصلية كبرى يدافع عنها وقد انتظمت تلك القضية في مجمل أعماله الكبرى جميعها بما في ذلك التاريخي والسياسي، وثوابته العربية القومية بارزة في تلك الأعمال والأطروحات حتى لوكان بعضها يتناول بعض القوى المحلية ولكن ذلك لايفصلها عن جوهر القضية القومية الكبرى.
لقد أنتج الشيخ الدكتور سلطان القاسمي إبداعاً لايقلُّ أهمية في رصانته عن أعماله الأكاديمية، وإبداعه تنوَّع بين المسرح والرواية والسيرة الذاتية وسيرة مدينة هي الشارقة. ولم يقتصر دور الشيخ الدكتور القاسمي على الإنتاج الإبداعي، فهو صاحب مبادرات ثقافية كبرى محلية وحتى عالمية وهو فعل ثقافي لا يركن إلى السكون يحركه الشغف المعرفي الثقافي إلى البحث عن الاستثنائي والمسكوت عنه والتقميش في المصادر التي يعزُّ الوصول إليها وليس القبول بالسائد الروتيني الذي يسبب عقم المعرفة وجمودها. أبارك لدولة الإمارات العربية المتحدة وجود مثل هذه القامة الثقافية الشامخة وأبارك للإمارات الحبيبة هذا التكريم لمؤسِّس ثقافي يستحق التكريم بجدارة استثنائية؛ فالشيخ الدكتور سلطان القاسمي بالفعل فعل ثقافي تجاوز التأثير العربي إلى التأثير العالمي بأطروحاته المترجمة إلى بعض اللغات الحية وكذلك بحضوره الثقافي المشع عالمياً.
24